لتحميل الكتاب: |
https://www.narjeslibrary.com/gdyd-alktb;search=30713496/c/0/i/41592587/ktf-lthmr-mn-ktbt-laalm-lmnr#article
اشترك في القناة ليصلك جديدُنا
مقتطف من كتاب: قطف الثمار من كتابات العلّامة المنار
الفكر الشيعي و سياسة اللا عنف
إنّ مما لا شك فيه عند كل المفكرين الشيعة, أن دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, أساسًا هي دعوة للتغيير بدون عنف، بل هو أهمُّ من أمر بالصبر والتصابر, وعدم اللجوء إلى السلاح, إلا في حال رد العنف, الواصل لحد خطر الاستئصال،
ولهذا أوصى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام, بالصبر وعدم استخدام أي عنف, في تحقيق مقاصد الشريعة، وقد رأينا كيف سكت أمير المؤمنين عليه السلام, وبدأ يُرَبي المسلمين, على التمييز بين الحق والباطل, حتى أصبح مسار الإسلام واضحًا, لدى نخبة كبيرة من الأنصار وقلة قليلة من المهاجرين،
ونتيجة ذلك حصل أنْ بويع أميرَ المؤمنين عليه السلام, بالإرادة المَحْضَة بخلاف من سبقه، مهما كانت المبررات والتحايل في تحسين الصورة، وهكذا حال الأئمة الطاهرين عليهم السلام, كلهم بلا استثناء،
يرون التغيير السلمي بدون عنف، وإسقاط الظالم بنشر الوعي في المجتمع المسلم, لخطورة جرائم السيطرة غير الشرعية على الحكم ومقدرات الناس, والاستمتاع بمال المسلمين, بدل المشاريع التنموية التي ترقي من المجتمع الإسلامي, الذي أدى إلى عدم انتشار الإسلام في كل الكرة الأرضية, نتيجة هدر الموارد, والاستمتاع بالنساء والغُلمان, والتفاخر بالقُصور وما شابه ذلك، وكلها بأموال المسلمين.
إنّ صيغة نشر الفضيلة سرًا، ونشر الوعي المعارض سِلْميًا عند الشيعة, مشهود لها في جهات العالم, حتى أنه ما من عالِم دارس إلا ويَعتَبِر الشيعة هم أهم معارض سلمي, طويل التواصل تاريخيًا إلى الآن, في الكرة الأرضية.
وقد نشر الأئمة سلام الله عليهم مبدأ التَّقِيَّة, وهو مبدأ يبرمج الإنسان ليكون فاعلاً, ومؤَثِّرا في مجتمعه مع أقل الخسائر، فقد عرف أئمتنا أنّ مجابهة الطواغيت لها ثمن خطير، لهذا يجب تعليم المؤمنين كيفية الموازنة, بين الوصول إلى أهداف العدل والشرعية، مع أقل مستوى من الخسائر،
وهذا ما جعل من التشيع ,المذهب العجيب في العالم, الذي كلما ازداد اضطهاده, كثر أتباعه، وهو في تزايد كبير في هذا العالم, حتى أصبح نسبة الشيعة إلى العالم الإسلامي, يتراوح بين ثلاثين, إلى أربعين بالمئة من مُجمل المسلمين, بعد أنْ لم يكن بنسبة واحد بالمئة, في الزمن الأُمَوِي وقبله، حسب ما يُفْهَم, من مسار الأحداث.
قد يُشْكِل مُسْتَشْكِل فيقول : بأن الشيعة معروفون بالثورة والثورية والعنف الثوري ، وأهم قضية لديهم تدل على العنف الثوري هي ثورة الإمام الحسين عليه السلام.
فنقول : إن ثورة الإمام الحسين عليه السلام على الظلم, كانت ثورة إصلاحية، ولم تكن ثورة مسلحة إطلاقا، ولعل بعض الباحثين كان يرى, أنّ دراسة حركة مسلم بن عقيل رسول الإمام الحسين, تدل على أنه موصى أصلاً بعدم استخدام العنف، ولهذا تفرق الناس عنه, حين عَمَلَ السيفُ والدعاياتُ والحربُ النفسية, في المجتمع المناصر, لمطالب الإمام الحسين عليه السلام،
والذي حدث أن الإمام عليه السلام, امتنع عن بيعة الفاسق الجائر, وطالب بإصلاح النظام الإسلامي، ومن ثم أخفى نفسه عن عيون القتلة في مكة والمدينة، وأتى إلى الكوفة, وقد علم بتخاذل الناس عن رسوله ومقتل رسوله، وهو في الطريق قبل أن يأتي إليه جيش ابن زياد.
وقد حاول أن يأخذ مسارًا, للابتعاد عن عيون أعداء الإنسانية، ولكن جواسيسهم لاحقته، فتصدت له جيوش, وهو في رَهْط من عياله وأصحابه، وحاول الابتعاد عن الكوفة, حتى وصل إلى كربلاء فنازلوه، فكان لها، وحاشى الإمام عليه السلام أن يكون جبانا في مواجهة الموت، أو رِعْديدًا يتنازل عن مطالبه, لمجرد حَصْرِه في زاوية ضيقة ،
فكان أن قابل جيوشهم بعدد غير متوازن, فضرب أروع الأمثلة لمناضل غير عنيف في دعوته، وقد حُوصِر, فلم يطلب من الجماهير العنف ويهرب ، وانما قابل المصير بنفسه ، وطلب من كل رجل وامرأة معه, أن يتخلى عنه طواعية ليَسْلَم، ولكن أصحابه كانوا على طريقته وهديه،
وكلهم كان مشروعًا للشهادة, في سبيل مبادئ الاسلام الحقيقي، فلم يخذلوه حتى الموت، وكان استشهاد الإمام الحسين عليه السلام, هو المحرك الحقيقي للوعي الإسلامي، فحصلت التبدلات السلمية أو العنيفة في المجتمع الإسلامي، وسقطت الدولة الأموية بكل جبروتها, واندفاعها العسكري الهائل، وحين هجم العباسيون على هذه الدولة، لم تجد من يقف معها من المجتمع المسلم, وكان التخلي عنها هو أبسط جواب, عن قناعة الشعب المسلم بجريمة هذه الدولة, وعدم استحقاقها للبقاء .
فالقول بأن ثورة الإمام الحسين, دليل على استخدام العنف في دعوة الأئمة، قول عار عن الصحة إطلاقا. ومسيرتهم وكلماتهم الشريفة تدل على عكس هذا القول، بل إنّ فقهاء الشيعة وأهل الاعتقاد منهم يعلمون علم اليقين، أن التَّشَيُّع هو دعوة للإصلاح, وإسعاد الإنسانية عن طريق اللاعنف، وهذا هو سلوك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام.
وملخص دعوتهم هو الشرعية، الإصلاح السعادة للمجتمع ، التقدم اقتصاديًا وسياسيًا وحقوقيًا، حفظ الحقوق والحريات والموازنة بينها، عدم الخروج عن تعاليم الإسلام، وهذه كلها مبادئ مكروهة عند الجائرين، ومحاربةٌ من قِبَلِهِم بكل تفاصيلها .
ولم يقم أيُّ إمام وحتى الرسول نفسه, لنشرِ دعوتِه التوحيدية الإصلاحية لبناء المجتمع الأمثل، بالعنف والسيف، وإنما هجم عليه أعداء الحقيقة وأهل المطامع واللذات الدنيوية, بالقوة العسكرية والمؤامرات الدنيئة، وقد أفشلهم الله، وهكذا عملوا مع عَلِيٍ, ومع الحَسَنِ ومع الحسين, ومع بقية الأئمة الطاهرين عليهم السلامُ أجمعين, ولم يصدر منهم أيُّ أمر بابتداء حرب أبدًا، ولا مؤامرات ضد الحاكم، وإنما كان عملهم المطالبة بالمبادئ السامية، والثبات عليها، ونشر الوعي بترك الحاكم وعدم التعاون مع الظَّلَمَة ،
https://www.narjeslibrary.com/gdyd-alktb;search=30713496/c/0/i/41592587/ktf-lthmr-mn-ktbt-laalm-lmnr#article
اشترك في القناة ليصلك جديدُنا
مقتطف من كتاب: قطف الثمار من كتابات العلّامة المنار
الفكر الشيعي و سياسة اللا عنف
إنّ مما لا شك فيه عند كل المفكرين الشيعة, أن دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, أساسًا هي دعوة للتغيير بدون عنف، بل هو أهمُّ من أمر بالصبر والتصابر, وعدم اللجوء إلى السلاح, إلا في حال رد العنف, الواصل لحد خطر الاستئصال،
ولهذا أوصى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام, بالصبر وعدم استخدام أي عنف, في تحقيق مقاصد الشريعة، وقد رأينا كيف سكت أمير المؤمنين عليه السلام, وبدأ يُرَبي المسلمين, على التمييز بين الحق والباطل, حتى أصبح مسار الإسلام واضحًا, لدى نخبة كبيرة من الأنصار وقلة قليلة من المهاجرين،
ونتيجة ذلك حصل أنْ بويع أميرَ المؤمنين عليه السلام, بالإرادة المَحْضَة بخلاف من سبقه، مهما كانت المبررات والتحايل في تحسين الصورة، وهكذا حال الأئمة الطاهرين عليهم السلام, كلهم بلا استثناء،
يرون التغيير السلمي بدون عنف، وإسقاط الظالم بنشر الوعي في المجتمع المسلم, لخطورة جرائم السيطرة غير الشرعية على الحكم ومقدرات الناس, والاستمتاع بمال المسلمين, بدل المشاريع التنموية التي ترقي من المجتمع الإسلامي, الذي أدى إلى عدم انتشار الإسلام في كل الكرة الأرضية, نتيجة هدر الموارد, والاستمتاع بالنساء والغُلمان, والتفاخر بالقُصور وما شابه ذلك، وكلها بأموال المسلمين.
إنّ صيغة نشر الفضيلة سرًا، ونشر الوعي المعارض سِلْميًا عند الشيعة, مشهود لها في جهات العالم, حتى أنه ما من عالِم دارس إلا ويَعتَبِر الشيعة هم أهم معارض سلمي, طويل التواصل تاريخيًا إلى الآن, في الكرة الأرضية.
وقد نشر الأئمة سلام الله عليهم مبدأ التَّقِيَّة, وهو مبدأ يبرمج الإنسان ليكون فاعلاً, ومؤَثِّرا في مجتمعه مع أقل الخسائر، فقد عرف أئمتنا أنّ مجابهة الطواغيت لها ثمن خطير، لهذا يجب تعليم المؤمنين كيفية الموازنة, بين الوصول إلى أهداف العدل والشرعية، مع أقل مستوى من الخسائر،
وهذا ما جعل من التشيع ,المذهب العجيب في العالم, الذي كلما ازداد اضطهاده, كثر أتباعه، وهو في تزايد كبير في هذا العالم, حتى أصبح نسبة الشيعة إلى العالم الإسلامي, يتراوح بين ثلاثين, إلى أربعين بالمئة من مُجمل المسلمين, بعد أنْ لم يكن بنسبة واحد بالمئة, في الزمن الأُمَوِي وقبله، حسب ما يُفْهَم, من مسار الأحداث.
قد يُشْكِل مُسْتَشْكِل فيقول : بأن الشيعة معروفون بالثورة والثورية والعنف الثوري ، وأهم قضية لديهم تدل على العنف الثوري هي ثورة الإمام الحسين عليه السلام.
فنقول : إن ثورة الإمام الحسين عليه السلام على الظلم, كانت ثورة إصلاحية، ولم تكن ثورة مسلحة إطلاقا، ولعل بعض الباحثين كان يرى, أنّ دراسة حركة مسلم بن عقيل رسول الإمام الحسين, تدل على أنه موصى أصلاً بعدم استخدام العنف، ولهذا تفرق الناس عنه, حين عَمَلَ السيفُ والدعاياتُ والحربُ النفسية, في المجتمع المناصر, لمطالب الإمام الحسين عليه السلام،
والذي حدث أن الإمام عليه السلام, امتنع عن بيعة الفاسق الجائر, وطالب بإصلاح النظام الإسلامي، ومن ثم أخفى نفسه عن عيون القتلة في مكة والمدينة، وأتى إلى الكوفة, وقد علم بتخاذل الناس عن رسوله ومقتل رسوله، وهو في الطريق قبل أن يأتي إليه جيش ابن زياد.
وقد حاول أن يأخذ مسارًا, للابتعاد عن عيون أعداء الإنسانية، ولكن جواسيسهم لاحقته، فتصدت له جيوش, وهو في رَهْط من عياله وأصحابه، وحاول الابتعاد عن الكوفة, حتى وصل إلى كربلاء فنازلوه، فكان لها، وحاشى الإمام عليه السلام أن يكون جبانا في مواجهة الموت، أو رِعْديدًا يتنازل عن مطالبه, لمجرد حَصْرِه في زاوية ضيقة ،
فكان أن قابل جيوشهم بعدد غير متوازن, فضرب أروع الأمثلة لمناضل غير عنيف في دعوته، وقد حُوصِر, فلم يطلب من الجماهير العنف ويهرب ، وانما قابل المصير بنفسه ، وطلب من كل رجل وامرأة معه, أن يتخلى عنه طواعية ليَسْلَم، ولكن أصحابه كانوا على طريقته وهديه،
وكلهم كان مشروعًا للشهادة, في سبيل مبادئ الاسلام الحقيقي، فلم يخذلوه حتى الموت، وكان استشهاد الإمام الحسين عليه السلام, هو المحرك الحقيقي للوعي الإسلامي، فحصلت التبدلات السلمية أو العنيفة في المجتمع الإسلامي، وسقطت الدولة الأموية بكل جبروتها, واندفاعها العسكري الهائل، وحين هجم العباسيون على هذه الدولة، لم تجد من يقف معها من المجتمع المسلم, وكان التخلي عنها هو أبسط جواب, عن قناعة الشعب المسلم بجريمة هذه الدولة, وعدم استحقاقها للبقاء .
فالقول بأن ثورة الإمام الحسين, دليل على استخدام العنف في دعوة الأئمة، قول عار عن الصحة إطلاقا. ومسيرتهم وكلماتهم الشريفة تدل على عكس هذا القول، بل إنّ فقهاء الشيعة وأهل الاعتقاد منهم يعلمون علم اليقين، أن التَّشَيُّع هو دعوة للإصلاح, وإسعاد الإنسانية عن طريق اللاعنف، وهذا هو سلوك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام.
وملخص دعوتهم هو الشرعية، الإصلاح السعادة للمجتمع ، التقدم اقتصاديًا وسياسيًا وحقوقيًا، حفظ الحقوق والحريات والموازنة بينها، عدم الخروج عن تعاليم الإسلام، وهذه كلها مبادئ مكروهة عند الجائرين، ومحاربةٌ من قِبَلِهِم بكل تفاصيلها .
ولم يقم أيُّ إمام وحتى الرسول نفسه, لنشرِ دعوتِه التوحيدية الإصلاحية لبناء المجتمع الأمثل، بالعنف والسيف، وإنما هجم عليه أعداء الحقيقة وأهل المطامع واللذات الدنيوية, بالقوة العسكرية والمؤامرات الدنيئة، وقد أفشلهم الله، وهكذا عملوا مع عَلِيٍ, ومع الحَسَنِ ومع الحسين, ومع بقية الأئمة الطاهرين عليهم السلامُ أجمعين, ولم يصدر منهم أيُّ أمر بابتداء حرب أبدًا، ولا مؤامرات ضد الحاكم، وإنما كان عملهم المطالبة بالمبادئ السامية، والثبات عليها، ونشر الوعي بترك الحاكم وعدم التعاون مع الظَّلَمَة ،