كتاب إنسان بعمر 250 سنة - للإمام السيد علي الخامنئي دام ظله

أضيف بتاريخ 06/15/2024
|

رابط تحميل الكتاب من مكتبة نرجس:
https://www.narjeslibrary.com/gdyd-alktb/c/0/i/80411881/ansan-baamr-250-sn

قم بالاشتراك في القناة ليصلك جديدُنا

تثبيت النظام الإسلامي:

إن واقعة غدير خُم هي واقعة مصيرية ومهمة جدًّا في تاريخ الإسلام. ويمكن النظر إليها من حيثيتين أو بُعدين: الأول يختص بالشيعة، والثاني يرتبط بجميع الفرق الإسلامية. وبالنظر إلى البعد الثاني لهذه الواقعة، يجب إيجاد هذه الروحية, وهذا الشعور عند جميع مسلمي العالم.
وهو أن عيد الغدير الذي يُذَكِّر بهذه الواقعة الكبرى ليس مختصا بالشيعة.
البعد الأول لهذه الواقعة، وكما ذكرنا، يختص بالشيعة، لأنَّ أمير المؤمنين عليه السلام في هذه الواقعة قد نُصِّبَ للخلافة من قبل النبي . وفي ذلك اليوم وفي تلك الواقعة سُئل رسول الله : يا رسول الله هل أن إعلانك هذا هو من نفسك أو من الله ؟ فقال: «من الله ورسوله» ، أي أنه أمر إلهي وكذلك هو مني.
والشيعة تُعَظِّم هذه الواقعة من هذه الجهة ، لأن اعتقادهم أنَّ الخلافة المباشرة لأمير المؤمنين, ترتبط بهذه الواقعة أكثر من سائر الدلائل. بالطبع إنَّ البحث في مجال الاستنباط والاستدلال لهذه الواقعة في الكتب كثيرة ومتنوعة على مر تاريخ الإسلام، قد استمر من اليوم الأول وإلى يومنا هذا. ولا أنوي هنا أن أضيف شيئًا على ما كَتَبَتْها وذَكَرَتْها آلاف الألسنة والأقلام بشأن هذا المطلب. وأما البعد الثاني لهذه الواقعة والذي لا يقل أهمية عن البعد الأول، فهو أمر مشترك بين الشيعة والسُنَّة. سوف أفصِّل فيه قليلا.
ما جرى هو أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله، وفي السنة العاشرة للهجرة، توجّه إلى الحج مع جمع من مسلمي المدينة وسائر مناطق الجزيرة العربية التي أسلمت. وفي هذا السفر، اعتنى النبي واستفاد استفادةً تامة, من حج بيت الله, من أجل بيان المفاهيم الإسلامية, سواء على المستوى السياسي, أم العسكري أم الأخلاقي أم العقائدي. وقد نُقل عن رسول الله خطبتان إحداهما، على الظاهر، في اليوم العاشر أو قريبًا منه، والأخرى في نهاية أيام التشريق.
وعلى ما يبدو أنهما كانتا خطبتين لا خطبة واحدة. في هاتين الخطبتين، بَيَّنَ رسولُ الله جميع المسائل الأساس التي ينبغي أن يَلتفت إليها المسلمون بعمق, وهي في الأساس قضايا سياسية. ويدرك الإنسان جيدًا كم أنَّ أولئك الذين يَفْصِلون بين الحج والقضايا السياسية في العالم الإسلامي اليوم، ويتصوّرون أن الحج ينبغي أن يكون عبادة فقط بالمعنى الرائج والعادي، وأن كل عمل سياسي هو عمل خارج عن نطاق الحج، كم أنهم غرباء وبعيدون عن تاريخ الإسلام وعن سيرة النبي الأكرم .

ما بَيَّنه رسول الله صلّى الله عليه وآله, في هاتين الخطبتين من مسائل، وقد ذُكِرَت في بعض كتب الشيعة والسُنَّة بالإجمال, هي هذه: أولاً تحدث عن الجهاد, والجهاد ضد المشركين والكفار, وأعلن أنَّ الجهاد سيستمر, حتى تنتشر كلمةُ لا إله إلا الله في كل العالم.
وبشأن الوحدة الإسلامية بَيَّن رسول الله في هذا الخطاب عدّة مطالب، وصرّح أنّ على المسلمين أن لا يقتتلوا فيما بينهم، وأكد على وحدة المسلمين وانسجامهم.

وفيما يتعلق بالقيم الجاهلية صرّح بكلام واضح، أن هذه القِيَم بنظر الإسلام هي لا شيء ولا قيمة لها: ألا إنّ كلّ مالٍ ومَأْثَرَةٍ ودمٍ يُدَّعى تحت قدمي هاتين» فقد تبرأ بالكامل من القيم الجاهلية. وكل الخلافات المالية التي كانت بين المسلمين من أيام الجاهلية، كأن يكون أحدهم قد أقرض أخاه وله عليه ربا، فإنّه أصبح منسوخا،

ألا وكل رِبَاً من الجاهلية فهو تحت قدمي هاتين، وأول رِبَاً أضعه هو رِبَا عمي العباس، الذي كان قد أَقْرَضَ في الجاهلية كثيرين وله عليهم رِبَا، فقد أعلن النبي أنه رَفَعَه ونَسَخَه. وقد أكد على قيمة التَّقوى كأعلى قيمة إسلامية، وصرح أنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتَّقوى.