محمد وعلي النبي والإمام

أضيف بتاريخ 10/14/2024
Admin 3


كتاب : محمد وعلي النبي والإمام
المؤلف : الشهيد مرتضى مطهري
عدد الصفحات : 521


إن أحد منابع المعرفة التي ينبغي على كل مسلم أن يستقي منها لاستكمال صلاحه وتصحيح نظره سيرة رسول الله الله المباركة، وقبل الدخول في الموضوع، لا بد من إيراد مقدمة قصيرة أذكركم بها، وهي أن واحدة من نعم الله علينا - نحن المسلمين .. ومفخرة من مفاخرنا على اتباع الأديان الأخرى، هي أن قدراً كبيراً من أقوال الرسول وأحاديثه المتواترة والموثوق بها ما زالت مصونة ومتداولة بيننا. وهذا ما لا يستطيع أن يدعيه أتباع الأديان الأخرى، إذ ليس بإمكانهم أن يقولوا إن العبارة الفلانية، مثلاً، هي ما قاله موسى أو عيسى فعلاً. صحيح أن بين أيدينا الكثير مما ينسب إليهما، ولكن لا أحد يستطيع أن يقطع بذلك. والأمر الآخر هو أن حياة نبينا واضحة ومدعومة بالإسناد الموثقة، حتى إنها في دقائقها وجزئياتها ليست خافية علينا، ولا يعتورنا الشك في صحتها . وهذا ما لا يصدق على أي نبي آخر. إننا نعرف سنة ولادته، بل يوم ولادته، وفي أي يوم من أيام الأسبوع كان ذلك، ونعرف فترة رضاعته والزمن الذي أمضاء في الصحراء، وفترة ما قبل بلوغه، وكذلك الأسفار التي قام بها إلى ١٤ محاضرات الشهيد مرتضى مطهري (ج1) خارج الجزيرة، والأعمال التي قام بها قبل أن يبعث نبياً، وفي أي سن تزوج، وما رزق به من الأولاد، والذين توفوا قبل وأعمارهم وتواريخ وفياتهم، وأمثال ذلك، حتى يصل إلى مرحلة البعثة والنبوة، وهي مرحلة أجلى وأوضح؛ لأنها كانت حدثاً ضخماً سجلت بكل دقائقها من أول من آمن به، ومن كان الثاني، ومن كان الثالث حتى أمن فلان، وما هي الأحاديث التي جرت بينه وبين الآخرين؟.. ما كانت أعماله، وكيف كانت سيرته ؟ .. كل ذلك واضح في أدق تفاصيله . أما النبي عيسى وهو أقرب الأنبياء العظام وأصحاب الشرائع إلينا، فإنه لولا تأييد القرآن له ولولا اعتقاد المسلمين بصدق ما جاء عنه في القرآن وأنه نبي إلهي حقيقي، لما كان بالإمكان معرفته وإثبات وجوده في العالم. إن المسيحيين أنفسهم يعتقدون أن تاريخ ميلاد المسيح تاريخ موضوع، وأن القول بأنه قد مرت الآن ١٩٧٥ سنة على ميلاده لا دليل عليه وليس في التاريخ ما يثبته، بل قد يكون ميلاد المسيح قد حدث قبل ذلك بثلاثمائة سنة، أو بعد ذلك بمائتين أو ثلاثمائة سنة ولكننا إذا قلنا قد مضى على هجرة نبينا ١٣٩٥ سنة قمرية أو ١٣٥٤ سنة شمسية، فإن ذلك لا يعتوره أدنى شك. هنالك بعض المسيحيين وأعني بهم المسيحيين الجغرافيين - لا المسيحيين المؤمنين - ينكرون أصلاً إن كان أحد في العالم باسم المسيح، ويقولون: إن حكاية المسيح أسطورة مصطنعة. فهؤلاء يشكون حتى في وجود المسيح أصلاً. بديهي أن هذه المزاعم مردودة في نظرنا، لأن القرآن أكد وجود عيسى ولما كنا نؤمن بالقرآن فلا يمكن أن نشك بأن عيسى كان نبياً من أنبياء الله المرسلين. إن مسائل من قبيل من هم حواريو عيسى؟ ومتى ظهر الإنجيل بصورة كتاب؟ وكم إنجيلاً هناك؟ تعتبر مسائل غامضة عند المسيحيين. أما نحن المسلمين فإن مصادر أقوال نبينا ومصادر سيرته بينة لا يعتورها أي غموض أو إيهام، ويمكن الاعتماد عليها اعتماداً قطعياً، لا ظنياً.

mohamed ouali nabi wallimam mohamed ouali nabi wallimam