كتاب: أصول العقيدة
المؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
عدد الصفحات: 488
ومن أجل ذلك وغيره رأينا لزاماً علينا أن نحاول القيام بذلك. وكان قد سبق منا في فترة الاعتقال الطويلة أن ألقينا على بعض أقاربنا المعتقلين معنا بعض المحاضرات في ذلك بوجه موجز ومتقطع، مع تكتم وحذر شديدين فرضتهما علينا الأوضاع المعقدة التي تحيط بنا، والظروف القاسية التي كنا نعيشها، وإن لم يكن معنا مصدر نرجع إليه، بل ولا قلم وقرطاس لنسجل ما ألقيناه من أفكار. فكانت تلك الأفكار نواة لمحاولتنا هذه حاولنا تطويرها وتوضيحها حسب ما تيسر لنا، متكلين على الله تعالى، مستعينين به لاجئين إليه في التوفيق لإحقاق الحق وإيضاح معالمه، والتسديد في ذلك. وقد رأينا أن نبعد في محاولتنا هذه عن الطرق المتكلفة والاستدلالات المعقدة - وإن كانت متينة - ما وجدنا إلى ذلك سبيلاً، وأن نتعمد إيصال الحقيقة وإيضاحها في نفس القارئ، وتحكيم وجدانه فيها. كما انا لم نلتزم بمصطلحات علماء الكلام؛ لأن الغرض الأساسي هو إيصال هذه الحقائق إلى عموم الناس ومن دون كلفة. وقد استعنا على ذلك بالإكثار من ذكر الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الشريفة عن النبي على منع الالام والأئمة من آله الله . وكثيراً ما لا يكون ذلك من أجل الاستدلال بها. فإن الاستدلال بها إنما يصح بعد إثبات حقية القرآن المجيد، وحجية أحاديثهم (صلوات الله عليهم)، وهو A أصول العقيدة إنما يتم في مراحل لاحقة من هذه المحاولة، وإنما كان الغرض من ذلك هو الاستئناس بها، والتفاعل بمضامينها، لما تضمنته من روعة في البيان ورصانة في المضمون، وتنبيه لمقتضى الفطرة، يؤكد حقيتها، وصدورها عن مصادر المعرفة ومنابعها الصافية. حيث يكون لذلك أعظم الأثر في إيضاح الحقيقة وجلائها، وتمكنها من القلوب وتركزها في النفوس ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن علينا بخلوص النية، وحسن الطوية، وأن يكلل محاولتنا هذه بالنجاح والفلاح، ويتقبلها بقبول حسن. إنه أرحم الراحمين، وولي المؤمنين، وهو حسبنا ونعم الوكيل.