الصحيفة الفاطمية الجامعة

كتاب:الصحيفة الفاطمية الجامعة
المؤلف: السيد محمد باقر موحد الأبطحي
عدد الصفحات: 257

وبعد، فهذا سفر رائع، ومنهل عذب نقدمه للإخوة المسلمين، ولكل مظلوم وظامي متلهف إلى معرفة الطريقة المثلى، والأسلوب المتين البليغ الأمثل لمخاطبة الرب العظيم ضمن إطار الدعاء والمناجاة والتضرع والتوسل والابتهال إليه. وذلك من خلال هذه الصحيفة المباركة بكلماتها البليغة، وعباراتها الفصيحة وجملاتها المسبوكة التي فاء بها فم شريف، ونطق بها لسان طاهر عفيف، وصدرت عن قلب ملؤه التوحيد والعرفان والإيمان المطلق بالله، وانبعثت من عقل نوراني وقالها كيان انعقدت نطفته من ثمار الجنة بأمر رب العالمين. أجل أخي القارئ، إنها فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، المحدثة والعالمة غير المعلمة، المعنية وحدها بقوله تعالى: (نساءنا في آية المباهلة (1) باجماع مفسري الفريقين ۱- آل عمران: ۱۱ وحسب ذا العقل والإنصاف أن يلمس - بمعنى هذه الآية المباركة - سمو هذه الشخصية العظيمة، وسيدرك تماماً - إذ هو تفحص عن خصوصيات هذه الآية، وتبحر في لطائفها، وأسباب نزولها - أن الله تعالى وهو العالم بخلقه وهو يؤتي فضله من يشاء قد اختار فاطمة وانتجبها من خلقه لتكون هي حسبها ونساءنا في هذه الآية المباركة وذلك لقدسية دعاتها الفاخر، والحرمة كلامها الطاهر الذي يفتقد عند بقية الخلق فالصحيفة .. والحال هذه هي الشخصية سامية خالدة، يحار العقل في وصفها. وتعجز العقول عن إدراكها، وتحسر الأفهام عن معرفتها. وهذه الحقيقة قد أماطت الروايات اللتام عنها بقول الإمام الصادق صلوات الله عليه إنما سميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها (۱) ولعل ما يلفت النظر حقاً أن هذه الشخصية العظيمة رغم قصر سني عمرها الشريف الذي لم يتجاوز العقدين من الزمان، قد كتب عنها العديد من المؤلفات ودون بحقها الكثير من الكتب والمقالات بين واصف لملامح وصفات تلك الشخصية الفذة، وعارض لما سطرته من ملاحم مشهورة أمام الضغوطات والدسائس التي حاكها فراعنة وقتها ومبين لشموخها الإلهي، وكبريائها النبوي، وعزها العلوي في كسر شوكتهم، وسحق عنوهم وجبروتهم وشارح ومحلل لما قالته أو أنشدته أو أملته من علمها اللدني الذي خصها الله تعالى به، أو مما حدثها أبوها المصطفى خاتم الأنبياء، أو زوجها المرتضى باب مدينة علم رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين، وآخرين غيرهم. حتى ليظن القارئ أن هذه الشخصية قد عمرت عمراً طويلاً قَلِله درك يا سيدتي ومولاني، وفديتك بروحي ونفسي يا فاطمة الزهراء.... ولو أردنا بهذه الصفحات القليلة تسليط الأضواء على بعض جوانب هذه الشخصية الكبرى جابهتنا العديد من العقبات والصعوبات، إذ هو المحال بعينه لذا سنكتفي بإيراد حديث شريف واحد قاله رسول الله صلى الله عليه وآله بحقها