كتاب: منبع الفكر
المؤلف: الشيخ عبدالله الجوادي الآملي الطبري
عدد الصفحات: 496
على الرغم من أن فعل الإنسان يُعدّ عنصراً مهماً وذا تأثير في وجوده ووجــود المجتمع، وأن بيانه أو خط بنانه يعكسان شخصيته، ويحكيان منهجه وأسلوبه، إلا أن القصور في ميدان الفعل، والمحدودية في حيز البيان، وعدم اتساع دائرة الكتابة تجعلها جميعاً تقف شبه عاجزة عن إظهار شخصية الفكر ووقاره، وإبراز همة الدافع وثباته، وإنّ التباين الشاسع بين النطاق المنبسط للفكر، والدائرة الضيقة للعمل يبعث دائماً على الاضطراب والقلق . - كما أن التباين الطبقي للمجتمع، وتمايزه إلى مستويات على أساس العلم والإدراك - من جهة أخرى - يزيدان الطين بلة، مما يجعل الأمر أكثر صعوبة على المفكر والباحث . ولولا إعجاز الكلام الإلهي ، والبيان القرآني، لم يكن بالإمكان إطلاقاً ظهور المعارف الإلهية العالية في قالب المثل على المستوى البشري ، والحفاظ على طابع التجلي مع عدم حصول التجافي بالنسبة إلى العالم بعد برهنته على رأيه العلمي والبحثي وتنظيمه بالشكل المطلوب والصحيح، وذلك لأن البيان والفعل يتبعان المعرفة دائماً ؛ كما قال الإمام الباقر : «وعملوا الصالحات بعد المعرفة» (١) ، فإن أفضل وسيلة لإيصال الرأي العلمي بالنسبة للعلماء والنخبة هي البيان والقلم، ذلك لأن التفاهم لا يصبح ميسوراً ، إلا عندما تتساوى الإدراكات ، وتتشابه الآراء . ١. تأويل الآيات الظاهرة ، ص ٣٠٢. منبع الفكر إن جميع الآراء الحكيمة لسماحة آية الله جوادي آملي (دام ظله) في الميادين المختلفة للعلوم الإنسانية الإسلامية هي مبرهنة ومنتظمة مثلها مثل أبحاثه القرآنية ، والمنطقية، والفلسفية، والكلامية، والأخلاقية، والعرفانية، والإجتماعية، وهي مطروحة في إطار مدرسة فكرية منسجمة خاصة، حيث يتجلى ذلك بوضوح في آثار سماحته وأفكاره . لكنه في الكتاب الحالي امتاز لباب الفكر عن سراب الوهم، فجاء هذا الأثر النفيس ليترجم ما يمثله هذا العالم الرباني من معدن للمعرفة، ومنبع للفكر. لقد جمعت طائفة من آثار هذا الأستاذ الجليل ـ التي تتسم بمستوى علمي مميز، والمسندة تماماً إلى حكم سماحته ، وما كتبته أنامله وخطه يراعه بشكل مباشر في ستة مجلدات، تنطوي خمسة منها على مقالاته ورسائله باللغة الفارسية، أما السادس فقد صنّف باللغة العربية من أجل المزيد من الفائدة للمجتمع العربي، وليتم تقديمه للأوساط العلمية والنخب والمفكرين من المتكلمين بالعربية تحت عنوان «منبع الفكر»، وهو بالطبع غير عشرات المؤلّفات التي طبعت لحد الآن في مختلف المجالات .
