مدخل التفسير

أضيف بتاريخ 05/21/2024
Admin 2


كتاب: مدخل التفسير
المؤلف: الشيخ محمد الفاضل اللنكراني
عدد الصفحات: 465


إن من منن الله تعالى العظيمة، وتوفيقاته الربانية أن وفقني برهة من الزمن. وقطعة من الوقت للبحث حول كتابه العزيز من عدة جهات ترجع إلى أصل إعجازه، ووجوه الإعجاز فيه، والقراءات المختلفة الطارءة عليه ، والتحريف الذي هو مصون منه ، وكان ذلك بمحضر جماعة من الأفاضل لا يقل عددهم، وعدة من الأعلام يعتنى بشأنهم، وكنت أكتب خلاصة البحث ؛ ليكون لي تذكرة، ولغيري بعد مرور الأيام تبصرة، وقد بقي المكتوب في السواد سنين متعددة إلى أن ساعدني التوفيق ثانياً لإخراجه إلى البياض. وأقر - ولا محيص عن الإقرار - بأن الإنسان يقصر باعه - وإن بلغ ما بلغ - ويقل اطلاعه - وإن أحاط بجميع الفنون - عن البحث التام حول كلام الكامل . وكيف يصح في العقول أن يحيط الناقص بالكامل : سواء أراد الوصول إلى معناه . والبلوغ إلى مراده، أم أراد الوصول إلى مرتبة عظيمة، واستكشاف شؤونه من إعجازه وسائر ما يتعلق به ؟! ولكن لا ينبغي ترك كل ما لا يدرك كله ، ولا يصح الإعراض عما لا سبيل إلى فهم حقيقته ، خصوصاً مع ابتناء الدين الخالد على أساسه وإعجازه، وتوقف الشريعة السامية على نظامه الرفيع ؛ فإنه - في هذه الحالة - لابد من الورود في بحر عمیق بمقدار میسور، والاستفادة منه على قدر الظرف المقدور. ومع أن الكتاب - سيما في هذه الأعصار التي تسير قافلة البشر إلى أهداف مادية ، وتبتني حياتهم التي لا يرون إلا إياها على أساس اقتصادي، وأصبحت الشؤون المعنوية كأنه لا يحتاج إليها، والقوانين الإلهية غير معمول بها - قد صار هدفاً للمعاندين والمخالفين : لأنهم يرون أن الاقتفاء بنوره، والخروج عن جميع الظلمات بسببه يسد باب السيادة المادية، ويمنع عن تحقق السلطة، ويوجب رقاء الفكر، وحصول الاستضاءة، فلابد لهم للوصول إلى أغراضهم الفاسدة من إطفاء نوره، وإدناء مرتبته، وتنقيص مقامه الشائخ، فتارة يشككون في إعجازه. على الناس شبهات في ذلك، وأخرى: يتمسكون بتحريفه ويثبتون ويوردون تنقيصه .

madkhal altafsir