كتاب: حلبجة في مواجهة سموم الموت قراءة حقوقية في واقع الحدث واوراق المحكمة الجنائية العراقية العليا
اعداد وتحقيق: بكر حمه صديق عارف
عدد الصفحات: 896
الحجم: 19.6 MB
تذكرة وتقديم أتذكر صبيحة ۱۹۸۸/۳/۱۱ عندما شاهدت الطائرات العراقية تحوم فرق مدينة حلبجة وكانت طائرات إستطلاعية عراقية تقوم برصد الحركات والأحوال الجوية حسب معرفتي فيما بعد وبعد إطلاعي على الكثير من الوثائق الإستخباراتية التي تم الحصول عليها إبان سقوط النظام وثائق المحكمة الجنائية العراقية، وأتذكر ذلك اليوم وقبيل الغداء بدقائق النصف الأول وإطلاتها الصواريخ على المدينة دون رحمة وكانت تأتي من جنوب المدينة وغربها وكنت حينها متواجدة في منطقة (كاني قولكة) حيث يقع مركز المدينة، وبدون وعي رميت بنفسي في إحدى الحفر ثم توجهت الى بيتنا الواقع في منطقة (مجمع عنب) الواقع شمال حلبجة والمسمى حاليا بمحلة شارةوانی) حيث بقينا في الملجأ لما بعد الظهر وكان القصف مستمرة دون توقف، أسراب من الطائرات تأتي وتذهب دون مقاومة، ثم خرجنا من الملجأ بعد ظهر نفس اليوم متوجهين مع عائلاتنا بإتجاه شمال شرق المدينة نحو قرية (جليلة الواقعة بين قريتي (عبابیلی) و (عنب). ويذكر أن عنب سقط فيها أكبر عدد من الضحايا نظرا لوجود سیل بشري نازح عم هذا الطريق وتعرضهم للقصف الكيمياوي، شاءت الأقدار أن ننجو من الموت، حيث توجهنا قبل حلول الظلام نحو قرية (عبابیلی) وكانت الطائرات تأتي بأسراب وشاهدتها بأم عيني حتى أنني في إحدى المرات شاهدت إثنا عشرة) طائرة مرة واحدة تقصف دون مقاومة، لقينا في الطريق أشخاصة مصابين بالعمى وأطفالا وأشخاصة انفصلوا عن عوائلهم وكانت رائحة المواد الكيمياوية تنتقل عبر الهواء إلى الأماكن التي لم تصبها الصواريخ الكيمياوية بشكل مباشر فكنا نشعر بالغثيان وأعراض أخرى نتيجة إستنشاق الهواء المسموم من تحرقات العينين وحساسية الجلد وضيق التنفس. لم تترك الطائرات