كتاب: الاسلحة البيولوجية ووسائل مقاومتها
تأليف: الدكتور خليفة عبد المقصود زايد
الناشر: دار الكتاب الجامعي
الطبعة: الاولى 2014م
عدد الصفحات: 322
الحجم: 4.7 MB
مقدمة الكتاب
تواجه دول العالم الآن إنجازات التكنولوجيا الحيوية في مجال صناعة الدواء وإنتاج العقاقير والفاكسينات لمواجهةوسائل الإجرام البيولوجی ، فلقد تزايدت معدلات الحوادث وأيضا الجرائم التي أصبحت تشكل قلقا متزايداللمجتمعات البشرية كافة، وإزاء القلق المتزايد من زيادة تعداد السكان وكثرة وتنوع الجرائم تعالتالأصوات الدولية لمواجهة كشف تنوع الجرائم التي أصبحت مرتبطة بزيادة تعداد السكان والتنافس على وسائلالحياة المختلفة . فلكل جريمة وسائلها وأهدافها وأسبابها ونتائجها الواضحة على الأفراد والمجتمعات ، وجرائمالسلوكيات البشرية الشاذة إحدى هذه الجرائم بل أخطرها في عصر إمتد فيه هذا الخطر لينال من أمنمختلف الدول والمجتمعات . وقد تم إعداد هذا الكتاب ليتناول الأسلحة البيولوجية التي تؤثر على أمن وحياةالسكان والمجتمعات . فالأمن هو جزء رئيسي من مكونات الحياة ولا حياة بدون الأمن . فلقد عرفت البشريةالسلوكيات البشرية الشاذة منذ فجر التاريخ کسلوك شاذ منحرف وخارج عن المألوف يشكل تهديدا لأمن الفردوالمجتمع ، ولكن الملاحظ على هذا السلوك هو إختلاف دوافعه تبعا لأهدافه ، وكذلك تتطور وسائله مع تطور مظاهرالعصر ومعطياته، ولم يجد هذا السلوك الشاذ مؤيدا غير فاعليه فالمواطن عندما يكون مطمئنا على نفسه وعرضهوماله وغذاؤه فإن هذا هو الأمن الحقيقي ، لأن شعور الإنسان بعدم
بعدم الإطمئنان وبعدم الآمان هو في الحقيقة الصفاء الحياة . فعدم الشعور بالأمن يجعل الإنسان يفقد بكلبساطة معنى الحياة ومشاعر السعادة والإستقرار، لذا يكون الإنسان هو محور وأساس الجهد الأمني، حيث أنظاهرة الفكر القائم على العنف يشكل خطرا حقيقيا يهدد إحساس الإنسان بالأمن ويسلب منه الحياة الكريمةالآمنة المستقرة . فلقد أصبحت أسلحة الإخلال بالأمن في متناول الناس سواء النارية منها أو الهوائية أوالبيولوجية ، وإتسم بعض الأفراد بقلة الوعي البيئي وعدم إدراك معنى التدهور البيئي وما يترتب عليه من نتائجسلبية لا يدركون أنهم
يتلاعبون بمقدرات الأجيال القادمة، لذلك كان لابد من الإهتمام بمستقبل البيئة والحياة الفطرية الآمنة لأنه منالصعوبة إصلاح التدهور البيئي وإعادة الحياة الفطرية
المنقرضة.
وقد لاحظ العلماء البريطانيون أنه توجد علاقة بين التغذية والجريمة توصل الباحثون البريطانيون إلى أن إضافةالفيتامينات والعناصر الغذائية الحيوية الأخرى إلى أغذية الشباب وتشجيعهم على تناول الأغذية الجيدة منالفواكه والخضراوات الطازجة قد يساعد على تقليل معدلات الجريمة في المجتمعات . فقد إكتشف العلماء فيجامعة سري البريطانية أن تحسين أنواع الأغذية التي يتناولها المذنبون والسجناء والشباب يقلل من معدلاتالجريمة بحوالي ۲۰٪ . وإستندت هذه الدراسة التي تعتبر الأولى من نوعها من حيث الكشف عن وجود علاقةعلمية بين
الغذاء الصحي والجريمة، إلى متابعة ۳۲۰ شابا من السجناء والمذنبين في معهد الجرائم
في آيلسبيري، حيث تلقى نصفهم أقراصا تحتوي على فيتامينات ومعادن والأحماض
الدهنية الضرورية، بينما تلقي الباقون أقراصا عادية لا تحتوي على عناصر مفيدة، وتم
تسجيل عدد ونوع الجرائم التي ارتكبها السجناء في الأشهر التسعة التي سبقت
تناولهم للأقراص ، وفي فترة التجربة التي دامت تسعة أشهر أيضا، لاحظ العلماء أن
أفراد المجموعة التي تعاطت المكملات الغذائية إرتكبت جرائم أقل بحوالي ۵۲٪
مقارنة بمن تعاطوا أقراصا عادية، ولوحظ أكبر إنخفاض في نسبة الجرائم الخطرة ،
ومنها العنف ، التي قلت بنحو 40%، بينما لم يلاحظ أي إنخفاض عند من تعاطوا
أقراصا غير مفيدة . وأفادت الدراسة التي نشرتها المجلة البريطانية للطب النفسي ،
أن تحسين الغذاء قد يمثل طريقة فعالة وإنسانية وغير مكلفة لتقليل معدلات الجريمة
في المجتمعات ، وتقليل أعداد السجناء أيضا ، وبذلك يمكن القول أن الإستفادة من
إنجازات التكنولوجيا الحيوية في مجال الغذاء سوف تكون بالغة الأهمية ليس لمصلحة
السجناء أو لمن يعملون داخل السجون فقط بل ولمصلحة المجتمع بأكمله . ومن الملاحظ
أن السلوكيات العدوانية وغير الإجتماعية تنجم عن أسباب متعددة منها إرتباطها
بالتركيب الكروموسومي وأحيانا أخرى ترتبط بسوء التغذية ونقص العناصر المغذية للجسم ، وبذلك يمكن القول بأنالغذاء الجيد يساهم في مكافحة الجريمة.
وحيث أن هذا الكتاب سيتناول في أحد أبوابة الأسلحة البيولوجية التي تستخدم في الحرب البيولوجية المعروفةبالإنجليزية Biological Warfare والمقصود بها هو
الاستخدام المتعمد للجراثيم أو الفيروسات أو غيرها من الكائنات الحية الدقيقة
وسمومها، مما يؤدي إلى نشر الأوبئة بين البشر والحيوانات والنباتات، ويطلق البعض
على هذا النوع من الحروب اسم الحرب البكتيرية أو الحرب الجرثومية ، غير أن
تعبير الحرب البيولوجية أكثر دقة لشموليته
إذن الأسلحة البيولوجية، مهما كان بدائية، فإنها تمثل تهديدا لايستهان به
للأمن العالمي . فكمية ضئيلة نسبيا من المادة يمكنها إيذاء أعداد كبيرة من الأفراد
علاوة على ذلك ، وكما أتضح من هجمات الجمرة الخبيثة في الولايات المتحدة عام
۲۰۰۱، يمكن للأسلحة البيولوجية أن تحدث ذعرا هائلا وخللا اقتصاديا حتى لو
أدت إلى إصابات قليلة نسبيا . وخطورة الأسلحة البيولوجية تنبع من البرامج الخفية
التي تجريها الجهات العاملة في هذا المجال . وهناك اهتمام دولي متزايد بشأن حيازة
أو تطوير أو استخدام المجرمين لمواد بيولوجية في أغراض عدائية . تمثل الأمراض
المعدية الناتجة عن الأسلحة البيولوجية تهديدا خاصا نظرا لسرعة انتشارها من شخص
الآخر بدرجة تفوق ما يحدثه الهجوم في نقطة محددة . فالعواقب الكارثية لهجوم
شامل بالأسلحة البيولوجية تعني أن الوقاية هي الوسيلة الوحيدة الصالحة للحماية
وحيث أن الاستخدام المتعمد للعوامل البيولوجية في الحروب قديم جدا، إذ أن
كثيرا ما لجأ المحاربون القدماء إلى تسميم مياه الشرب والنبيذ والمأكولات، وإلقاء
جثث المصابين المصابة بالأوبئة في معسكرات أعدائهم . ولقد استمر اللجوء إلى هذه العوامل حتى القرنالعشرين ، حيث استخدمتها بعض الدول في جنوب شرقي آسيا
التدمير المحاصيل والغابات التي توفر ملجأ للقوات المعادية . والعوامل البيولوجية
التي تستخدم في هذا الإطار هي كالتالي : الكائنات الدقيقة مثل البكتيريا والفيروسات
والفطريات وغيرها ، السموم الجرثومية الحيوانية والنباتية ، ناقلات العدوى ( مثل
القمل ، البراغيث، الفئران ) ، الحشرات والنباتات المؤذية . هناك ثلاث طرق أساسية
النقل العدوى بالعوامل البيولوجية وهي العدوى من خلال الجلد ، والعدوى بواسطة
المأكولات والمشروبات الملوثة، والعدوى بواسطة الهواء. وتعتبر الطريقة الأخيرة أكثر
الطرق فاعلية . ويمكن أيضا استخدام الطائرات والسفن والقنابل والمدافع والصواريخ کوسائط لنشر هذه العوامل. ويشكل الدفاع ضد الحرب البيولوجية صعوبة كبيرة
ويعتبر التطعيم من أبرز الحلول لمواجهة هذه المشكلة، كما تؤمن الملابس والأقنعة
الواقية إجراء دفاعيا جيدا . ويضاف إلى ذلك مجموعة من الإجراءت الوقائية مثل
حفظ الماء والأطعمة ورفع مستوى الإجراءت الصحية والنظافة ، والحجر الصحي
للمناطق العرضة، وتطهير الأشخاص والتجهيزات والمناطق الملوثة ينتج عن الحرب البيولوجية صعوبات بالغة ليسفقط على صعيد الدفاع فحسب ، بل وعلى صعيد الهجوم كذلك ، إذ أن من الصعب ضبطها وتحديد مناطقتأثيرها عند اللجوء إليها . ولذا فإنها تعتبر أكثر خطورة من الأسلحة الكيماوية . وكلاهما تعد من ضمن أسلحةالدمار الشامل .ولقد كانت هذه الحقيقة وراء الجهود التي بذلت طيلة القرن العشرين للحد من إمكانية استخدامهاوتطوير الأسلحة الخاصة بها . ولقد وقعت الدول الكبرى في عام ۱۹۲۰ "اتفاقية جنيف" التي تمنع اللجوء إلىالأسلحة البكتريولوجية في الحروب . وذلك بالإضافة إلى منع الغازات السامة وغيرها . ولقد أقرت ۲۹ دولة هذهالاتفاقية . كما اتخذت الجمعية العمومية للأمم المتحدة قرارا في ديسمبر 1966 ، يقضي بضرورة الالتزامبالبروتوكول المذكور، وبذلت بريطانيا خلال الستينات جهودا باتجاه نزع السلاح البيولوجي، ولاقت تلك الجهوددعما واسعا ، لا سيما من الاتحاد السوفييتي .ومن جهة ثانية ، قام الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد
نیکسون في عام 1969 بإعلان استنكار الولايات المتحدة لاستخدام الأسلحة البيولوجية ، وأمر بتدمير مخزونبلاده منها . ومما لا شك فيه أنه من الصعب ضبط انتشار الأسلحة البيولوجية نظرا لسهولة تطوريها خاصة معالتقدم الذي حدث مؤخرا في تقنيات الهندسة الوراثية، الأمر الذي يفاقم الصعوبات التي تواجه الجهود المبذولةلنزعها
على الصعيد الدولي، كما يزيد من احتمالات استخدامها في نزاع قد يكون "محليا". لذلك أصبحت الأسلحةالبيولوجية في القرن العشرين أكثر تعقيدا نتيجة للبحث والتطوير المكثف الناتج عن تطور التقنيات البيولوجية فيالتعامل مع الكائنات الحية
وبالأخص تقنيات الهندسة الوراثية . فإننشرت أمراض وسموم عديدة كأسلحة، منها الطاعون والجمرة الخبيثةوالريسين وسم الغذاء والجدري . ويمكن إنتاج الأسلحة البيولوجية الحديثة على شكل سائل أو بودرة تقدم بطرقمختلفة مثل رشها من طائرة أو في قذائف المدفعية . والطريق المعتاد للإصابة بالعدوى هو استنشاق الجزيئاتالتي
يحملها الهواء ، وان كانت هناك طرق أخرى مثل تناولها عن طريق الفم عند تسمم
الغذاء والمياه . يتناول هذا الكتاب الأسلحة البيولوجية الفيروسية والبكتيرية والتطور
الذي طرأ عليها وعلى الفاكسينات التي تستخدم في مواجهتها بفعل التطور الحادث
في مجال الهندسة الوراثية ، عسكرة الهندسة الوراثية للأسلحة البيولوجية ، أعلى عشرة أسلحة بيولوجية فيالخطورة . أنفلونزا الطيور وتاريخها وتطور الفيروس وكيفية مواجهته بتعزيز الأمن الحيوي ، الإدارة الإكلينيكيةللمرض . جهاز المناعة في الإنسان وكيف يتعامل مع الغزاة البيولوجيين ، وكيف يقوم ببناء الأسلحة البيولوجيةالمضادة ( الأجسام المضادة ) ، أمراض المناعة الذاتية ، علاقة جهاز المناعة بنقل الأعضاء النباتات المخدرة كداءوكدواء ، الحرب على المخدرات استخدام الأسلحة البيولوجية الفطريات) في الحرب على المخدرات ( المقاومةالحيوية ). علاقة الأمراض الفيروسية بالوراثة . ثم في النهاية تكنولوجيا إنتاج البذور العقيمة وراثيا لمنع زراعتهافي الأجيال التالية لإجبار المزارعين على شراء بذور جديدة كل عام لتحقيق أرباح إقتصادية الشركات إنتاج البذور، وعلاقة هذه التكنولوجيا بالأمان الحيوي والتلوث الوراثي المخاطر الوراثية المتوقعة من تطبيق هذه التكنولوجياعلى البيئة بوجه عام . من أجل التوضيح والتيسير على القاريء فقد تم في هذا الكتاب إستعمال العديد منالصور التوضيحية والأشكال المختلفة والمادة العلمية والتي تعود حقوقها العلمية جميعا إلى مصادرها ومراجعهاومواقعها العلمية كافة.