كتاب : مواصفات المرجع الديني، من الفقه إلى الفكر
المؤلف : الشيخ عباس بن نخي
عدد الصفحات : 640


لقد غزيت الحوزة العلمية على طريقة " حصان طروادة " ، وأخترقت المرجعية الشيعية لأول مرة في التاريخ، وقحمها الغزاة ودخلوا فيها وانتسبوا إليها، ثم راحوا ينخرون أسسها، ويقوضون الحصن من داخله فقد أبتلي التشيع فيما مضى بتيارات منحرفة، وأرباب بدع وضلالات، وأنشقاقات أنزلت به النكبات والويلات وخلقت مذاهب ومدارس مالت بأتباعها عن الحق وشطحت بهم بعيداً... ولكن لم يسبق أن بلغ الأمر هذه الدرجة، ولا أن وصل وجاز هذه الحدود. فلم ينتحل المرجعية ويدعيها مفتر مندس قبل هذا العصر، ولا سبق أن عي " الحماة " في الذود عن " الحصن " والدفع عن "القلعة" ، كما لهم اليوم ! وكنت إبان هذه الحقبة المؤلمة في الحوزة العلمية (في قم المقدسة)، أعيش في قلب الحدث وأرصد الظاهرة الخطيرة عن كتب ألاحظها وأسجل تفاقمها بدهشة واستغراب، وكأنها حكاية تروى وقصة تؤثر، بل خطة تنفذ من فرط ترابط الحبكة وإحكام النسج، حتى صرت أترقب وأتوقع أين ستنفجر القنبلة " التالية وعلى يدي من؟ ومن أين ستأتي الطامة الجديدة وبأي ثوب ستظهر. وها أنا اليوم أواكب المسيرة من مواقع النكبات والكوارث، ومحال الرزايا والمصائب، واتجمع النتائج في الساحة العملية والميدان التبليغي والموقع الدعوي، في تيارات تجرف وجماعات تستقطب وأحزاب تتكسب فتنظم وتقود.... أدعت الزعمائها الفقاهة زوراً وأنتحلت لهم المرجعية غصباً، وهي كلها زائفة وباطلة. إن ما حل بالساحة الإيمانية من ضعف عقائدي وضياع روحي، وتخلف علمي وعملي، وتناهب واستلاب اجتماعي وسياسي، يحكي جانباً من المعطيات الخطيرة والنتائج المدمرة لما أصبح ظاهرة، هي " فوضى التقليد والمرجعية " ، وضياع المعايير الصحيحة الحقة في الرجوع إلى العلماء وأخذ معالم الدين وأحكام الشريعة منهم..... ... في خضم سلطات وحكومات جائرة، تتحرك بين الإهمال والمؤامرة، وأموال قذرة ترفد الضلال من شحت وخيانة، وسطوة إعلامية فاجرة، طالت الدين وشوهت العقيدة وذهبت بالمذهب، وخلقت فوضى ضاعت فيها الموازين وتقوضت الأسس، وتداخلت المصاديق وتشابهت الصور ... كان لا بد من إعادة التموضع، ورسم الصورة الحقة والشكل الصحيح لهنذا الركن الركين من الدين، والأصل المنبع الذي عاثوا فيه وهائوا.

moasfat al-murja al-dayniq min el-faqeh elly al-fakr