منع تدوين الحديث

كتاب: منع تدوين الحديث، قراءة في منهجة الفكر وأصول مدرستي الحديث عند المسلمين
المؤلف: السيد علي الشهرستاني
عدد الصفحات: 625

فترى هؤلاء يدونون ويحدثون ولا يرون مبرراً للمنع، ولا يعيرون الرأي الشيخين ومن منع تبعاً لهما القدسية التي لا يمكن معها من مناقشتهما. كما أنهم لم يخشوا ما خشیه آخرون، ومن هنا حدث التخالف في الرأي بين التهجين، هذا يحدث ويكتب ويدون، وذلك يقول بالإقلال أو بمنع التحديث والكتابة والتدوين. وارتسمت أصول الطرفين الفكرية. فلابد إذاً من إمعان النظر في المدرستين الحديثيتين للتعرف على أيهما ألصق بالواقع وأبعد عن الدوافع، ولا ينبغي أن يكون هذا الإمعان والتقييم المناهج المدرستين تخرصاً وتقولاً بقدر ما يكون دراسة للظروف الحاكمة آنذاك، وتجسيماً النفسية الرجال المعنيين في الدراسة على مختلف أصعدة حياتهم، فنحن لا نذهب إلى كفاية الاقتصار على مجرد إطلاق لفظ العدالة والوثاقة و.... أو معاكساتها دون إلمام بكل ما يتعلق بهذا الشأن؛ لأن الكثير من الصحابة - كما صرحوا - كانوا يروون الرواية مع عدم العلم بأن مفادها . ا منسوخ أم لا ؟ أو أن النص الذي قاله النبي هو من القرآن، أم من كلامه ؟ أو أن الحكم الوارد مخصوص به أو بشخص معين أم هو حكم عام لجميع المسلمين ؟ ومثل ذلك إفتاؤهم ببعض الآراء مع تصريحهم بأن ما يقولونه لا مستند له من الشرع ! فإن أصابوا فمن الله وإن أخطأ وا فمنهم ومن الشيطان. فيسبب كل هذا رأينا من الضروري القيام بدراسة شمولية نوضح فيها المجمل والميهم من الأمور التي لابست السنة النبوية ومنقولاتها، وندرسه وفق المنهجية العلمية الجديدة للوقوف على الواقع، لأن القيام بدراسة مثلها يمكن أن يوقفنا على حقائق كثيرة. وسيتضح من خلال الدراسة تخالف مرويات المانعين، مع مرويات المدونين المحدثين عن رسول الله، كما ستتضح أمور كثيرة في التشريع، وفقه الصحابة. والاتجاهات الفقهية التي كانت آنذاك، والدوافع التي تكمن وراء هذا الاتجاه أو ذاك، وبالتالي سيتبين ( ما هو الحجة) من المرويات في الصحاح السنة والكتب الأربعة وباقي المسانيد الحديثية. وهنا نسير سوية لنرى أثر منع التدوين على السنة النبوية وفي طياته أثر بل آثار منع التحديث أيضاً وما آلت إليه أمور المسلمين الفقهية من خلال السنة النبوية المباركة.