أسرار العارفين، شرح دعاء كميل

كتاب: أسرار العارفين، في شرح كلام مولانا أمير المؤمنين ع ، شرح دعاء كميل
المؤلف: السيد جعفر بن محمد باقر بن مهدي بحر العلوم
عدد الصفحات: 499

فمما لا ريب فيه أن محل الإنسان ومنزلته عند الله سبحانه وتعالى على قدر دعائه ، وقيمته بقدر اهتمامه بمناجاته وندائه ، قال تعالى : قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾ (١) ، فإن دعــا الـعـبـد وتضرع وانقطع إلى الله عزّ وجلّ سيزول بأسه ، ويكشف كربه ، ويتسامي وينتصر على ذاته ، وإن ترك الدعاء كان ذلك استكباراً عن عبادة الحق تعالى ، والجزاء دخول النار والعذاب المهين ، قال تعالى : ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) (٢) . هذا من جهة . ومن جهة أخرى : فقد أرسى سيد الكائنات رسول الله ﷺ أساس الدعاء لأمته ، وفتح لهم بابه على مصراعيه ، ليبقى تراثاً يرتاده الطالبون الحياري ، ومعيناً ينهل منه الخطاؤون الغلابي . حتى يأتي الدور من بعده لوصيه وخليفته ، وبــاب مـدينة علمه وحكمته ، سيد الوصيين ، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ليرفد هذا التراث بجملة من أدعيته التي ملأت الأسماع ، ورققت الطباع . ومن أبرز أدعيته تلك ؛ الدعاء المعروف بـ ( دعاء كميل بن زياد ) الذي رضعه بأجمل العبارات وأبلغها ، وكان من أهميته أن تناوله طائفة من الأعلام بالشرح والتفسير . والكتاب الذي نقدمه إليك - عزيزنا القارئ - هو شرح رائع نمقه يراع العلم الحجة السيد جعفر بن محمد باقر تغمده الله برحمته ـ حفيد آية الله العلامة السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي ـ فأحسن وأجاد ، وأغدق فيه شابيب مما نوره الله به . وتصدى لتحقيقه وتوثيقه الأستاذ فارس حسون كريم حفظه الله ، فأضافه ـ بما من الله عليه ـ حسـنـة جـديدة لحسناته السابقة ، وفقه الله وإيانا لخدمة ديننا الإسلامي العزيز .