كتاب: جهاد الشيعة في العصر العباسي الاول
تأليف: الدكتورة سميرة مختار الليثي
الناشر: دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة
الطبعة: الثانية 1978م
عدد الصفحات: 428
الحجم: 11.6 MB
ينتشر في العالم الإسلامي المعاصر ملايين من الشيعة ، ويقومون بدورهم البارز الملموس نحو إعزاز الإسلام ، والنهضة بحضارته ، وهم يساهمون إيجابيا ، بجامعاتهم و معاهدهم و مؤلفاتهم ، في التقدم الفكري الإسلامي ، والشيعة دائما تعتبر (الجهاد) ركن من أركان الإسلام ، والجهاد لا يكون بالسيف وحده ، فقد يكون بتهذيب النفوس وصقل العقول ، و بتكوين المؤمن القوي الذي يكون خير مواطن صالح في عالمنا الإسلامي ويسعدني أن أقدم إلى قراء اللغة العربية في عالمنا الإسلامي ، كتابي (جهاد الشيعة) ، وهو يدرس جهاد هذه الجماعة الإسلامية الكبيرة، منذ عصر الرسول عليه الصلاة والسلام ، حتى نهاية العصر العباسي الأول سنة ۲۳۲ هـ والقارىء اللبيب يدرك أنه من العسير على أي مؤلف أن يجمع جوانب جهاد الشيعة في كتاب واحد، فهو جهاد طويل ، متشعب الأطراف ، متعدد الألوان. ولكن الصور التاريخية المجيدة ، التي نقدمها في هذا الكتاب ، لجهاد الشيعة ، الشيعة التي بدت في أطوار جهادها المستمر ، الثوري ، والديني ، والفكري ، والاجتماعي . وهكذا اقتطفنا من بستان الشيعة ، الواسع الزاهر ، زهور كثيرة ، عطرة نضرة ، تجذب الأنظار وتشرح الصدور ، ويظل عبيقها الجميل ، أبد الدهر ، وعلى مر العصور شاركت جماعات الشيعة في جميع الأحداث السياسية في التاريخ الإسلامي ، وكان لها شأنها وتأثيرها في المجالات الحضارية ، وخاصة الدينية والفكرية . وظلت الشيعة طوال العصور تتصدر سائر الفرق و الجماعات الإسلامية . وكان من نتاج التشيع دولة إسلامية عظمى هي الدولة الفاطمية التي يفخر كل مسلم بحضارتها وبدورها العالمي ، ولا زالت القاهرة الخالدة ، وجامعة الأزهر العريقة ، تشهدان على أمجاد الفاطميين وكتابنا هذا بحث علمي ، يتبع المنهج العلمي في البحث التاريخي ، ومن أبرز أركان هذا المنهج التزام الحياد التام ، وهو حياد إيجابي ، يوصلنا إلى النتائج العلمية التي تفيد مكتبتنا العربية الإسلامية . وقد اهتممنا بفلسفة التاريخ إلى جانب الحرص على ذكر تفاصيل الأحداث التاريخية ، كما ربطنا بين جهاد الشيعة وبين جوانب الحياة السياسية والدينية والفكرية في العالم الإسلامي واتخذ جهاد الشيعة أحيانا شكل الثورة من أجل وضع المبادىء والتعاليم موضع التنفيذ العملي الإيجابي . وقد اعتاد المسلمون دائما أن يحيوا حياة ديموقراطية و تمسكوا أبدا بحرية الرأي والتعبير ، مما كفلته تعاليم الإسلام الرشيدة . وهذا الجهاد وإن أدى أحيانا إلى صراع بين فريقين من المسلمين ، فهو في الحقيقة تعبير عن حيوية الأمة الإسلامية ، وعن رغبتها في التطور وحرصها على التجديد ، وعن تمسكها بارائها و تعاليمها من أجل حياة رغدة، وحضارة راقية. وإن حدث خلاف، فهو يمس المسائل الثانوية ، دون المساس بعقيدتنا الإسلامية السامية ، اختلافات في الآراء و الوسائل، وقد يكون في الاختلاف في الرأي فضيلة. ونحن المسلمين ، على اختلاف مذاهبنا ، أمة إسلامية و احدة ، تظللنا الأخوة الإسلامية الوثيقة ، نؤمن بالخالق العظيم ، وبرسوله الأمين ، و نتشبع بحب آل البيت النبوي الطاهر ، ودستورنا القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ونحن المسلمين جميعا على طريق واحد، رسمه الإسلام لنا ، طريق الإخاء من أجل تحقيق السلام والرخاء . والله عز وجل ولي التوفيق والنصر . دكتورة سميرة مختار الليني