حديث الغدير برواية ابن كثير

أضيف بتاريخ 02/23/2020
مكتبة نرجس للكتب المصورة


كتاب: حديث الغدير برواية ابن كثير
تاليف: الشيخ نزار ال سنبل القطيفي
الناشر: مركز مؤمن الطاق للدراسات والبحوث الاسلامية
الطبعة: الاولى 1424
عدد الصفحات: 131
الحجم: 3.0 M


مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين نبينا محمد بن وأهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين . وبعد ؛ فإن يوم الغدير من أهم أيام الإسلام الخالدة، وأكبر الأعياد الجليلة ؛ حيث وقف فيه الرسول لينصب علي بن خليفة له على المسلمين ، امتثالا لقوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين 4(۱). فهل ترى عمل أعظم من هذا العمل وقد توقف عليه تبليغ الرسالة بأكملها، ولولاه لذهبت أتعاب رسول الله سدی؟! ويعتبر حديث الغدير من أهم المستندات الحديثية والتاريخية لاثبات خلافة الإمام علي بن أبي طالب ، وأنه المنصوص عليه من قبل رب العالمين على أن يكون خليفة لسيد المرسلين . وقد تواتر هذا الحديث بحيث لا يمكن لمن ألقى السمع وهو شهيد أن ينكر صدوره عن صاحب الرسالة الإسلامية، بل ولا يحتمل عدم صدوره . ولا أرى من يحاول إنكاره إلا معتوها قد مسه طائف من الجن ، أو معاندا ناصبيا امتلأ قلبه بغضا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب * . ولو فتحنا لأنفسنا المجال في التشكيك بمثل هذه الأحاديث ، لما وجد عندنا حديث معلوم في الشريعة الإسلامية ، فإن جميع الأحاديث التي وردت عن الرسول لم تبلغ طرقها ما بلغت طرق حديث الغدير . ويكفيك أن الطبري قد ألف كتابا في مجلدين - كما سيوافيك عن قریب - في طرقه ، وأن الذهبي كتب في ذلك كتابا أيضا ، وصرح - كما سيأتي بأنه يتيقن بصدوره عن الرسول. وقد أحصى العلامة الأميني في الجزء الأول من كتابه «الغدير» مئة وعشرة من رواته من الصحابة ، ونقل عن غيرهم ما يزيد عن ذلك بكثير! وهذا ابن كثير - الحافظ الدمشقي - يسجل لنا عيون الأحاديث في - نظره - التي وردت في حديث الغدير ، وأقر بصحة طرق بعضها، مع أنه يغتصب نفسه اغتصاب في فضائل الإمام علي ؛ لما غرس فيه من الروح الأموية التي توارثها عن بيئته وشيوخه ! وإنما اخترت أن أخرج هذه الأحاديث من كتابه في التأريخ « البداية والنهاية »؛ لأجعلها رسالة مستقلة محققة ، إظهار هذا الحديث الشريف وعلى لسان من هو أبعد الناس عن الإمام علي في طريقته ومنهجه بعد المشرقين ؛ إمعانا في الحجة، وطلبا للمحجة ، فلعل من يراها من أخذ ابن كثير وأمثاله بلبه وعقله أن يراجع نفسه ، ويعيد حساب أوراقه ، فيرجع إلى الصواب. ويبحث من جديد ليرى الحق حقا فيتبعه ، لما ورد في النبوي الصحيح من أن عليا مع الحق ، والحق معه، يدور معه حيثما دار ، فإنه من عرف الحق عرف أهله، والله الهادي إلى سواء السبيل. وقد نبهني إلى هذه الأحاديث قول العلامة الأميني في كتابه - عندما نقل كلام ابن كثير الآتي - قال : ( ذكر من عيون ما روي فيه ما يأتي رسالة ) (1)، فقفزت في ذهني فكرة إخراجها في رسالة مستقلة. ولابد لي أن أبين هنا أن ابن کثیر خلط بين حديثين : حدیث سرية اليمن والذي جاء فيه : « علي وليكم بعدي » ، وبين حديث الغدير الذي جاء فيه: « من کنت مولاه فهذا علي مولاه » ، وجعل من الثاني تبريرا لما حصل في سرية اليمن ؛ إخفاء منه للحقيقة ، وتزوير للتأريخ الصحيح، كما سننبه عليه، ولكنه ما حسب أن الحقيقة ستظهر ولو بعد حين ، وإن أخفيت بألف ستار . لهذا أتيت بالحديثين معا ، ولكن فصل بينهما، وقدمت حدیث الغدير خلافا لترتیب ابن كثير ؛ لأهميته ولأنه محط نظرنا حين الشروع في استخراج هذه النصوص، ثم أردفته بحديث سرية اليمن، ليتبين للقارئ أنه فضيلة أخرى للإمام علي * لا ربط لها في نفسها بما جرى في الغدير ، ولينقلب السحر على الساحر. فلقد أراد ابن كثير أن يخدع قراءه بالإتيان بحديث الغدير وطرقه على أنها جاءت عقيب ماجرى من أمور في سرية اليمن بقيادة علي بن أبي طالب بينه وبين أفراد ضعاف النفوس حساد، مردوا على النفاق ، ممن كانت تستهويهم المغانم وبهارج الدنيا. فأراد النبي أن يردع بعض الصحابة ، وأن يطيب خواطر بعضهم، وما وقع في نفوسهم تجاه علي ؛ لذا عقد لهم مجمعة في (غدیر خم). هكذا صور ابن كثير القضية ، فأتى بأحاديث صحيحة ذات دلالة واضحة ، لو علم المراد منها لما حدث بها، أو لضعفها على الأقل ليخفي الحقيقة المرة بأحادیث کما هي عادته في فضائل أمير المؤمنين علي . کما جمع بين الروايات التي أوردها ابن كثير في المجلدين الخامس والسابع من كتابه مع الإشارة إلى ذلك في المتن أو في الهامش ، كما نقل التصحيح عن علماء الحديث ، وناقش بعض تضعيفاته ، وقام بترقيم الطرق وإن كان المتن متحدا، فإن تعدد الطرق له دور كبير في معرفة التواتر. والرجاء من القراء الكرام أن يلتفتوا لما بعد الترقيم وربطه بالحديث السابق عليه أحيانا؛ إذ ربما يكون كلاما معلقا على ما قبله، وإما رقمناه لأنه تعرض فيه لطريق آخر. وفي الأخير أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل هذا الجهد اليسير من عبده الفقير، وأن يجعل هذا العمل القليل كثيرا بين يدي رحمته وجوده ، خالصا لوجهه الكريم، وأن يمن علي وعلى من يلوذ بي وألوذ به بالثبات على ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب * ما دمنا أحياء، وأن يحشرنا تحت لوائه يوم نلقاه فيسقينا بكأسه الأوفى التي لا ظمأ بعده . حرره المحتاج إلى عفو ربه وكرمه نزار آل سنبل يوم الجمعة الموافق ليوم عرفة من أيام سنة ۱٤۲۲ من الهجرة الشريفة

hadith_gahdeer